مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة

بمناسبة العيد الوطني للمرأة، يصدر الكريديف العدد 30 من الببليوغرافيا السنوية للكتابات النسائية لسنة
2023.
ويتضمن هذا العدد إنتاجات الكتب الأدبية والدراسات العلمية ومقالات الدوريات وأعمال الندوات التي
كتبت بأقلام نسائية تونسية ونشرت خلال سنة 2023.
وتحتوي هذه الببليوغرافيا على 209 عنوانا من بينها 142 عنوانا

“كنا غرباء ثرثارين في تلك الرحلة. جلسنا قرب النافذة نروي لبعضنا البعض قصصا لا تروى إلا مرة واحدة في كل العمر… كان قطار تلك الرحلة يسير ببطء ولم ينتظر أحد أن تأتي المحطة لينزل… فكل الرحلات لا تنتهي في نفس المحطة….”

تنقل لنا كلّ قصّة باختلاف روّاتها معاناة الذّات الإنسانيّة انطلاقا من الحضارة المحاطة بها، ومدى تأثّرها بالبعد الإنثونولوجي في تكوينتها واختياراتها؛ ثمّ تستمدّ الحلاوة من عمق العناء أو السّواد.

“تقذفني الريح إلى مطار أورلي… بعد ساعة تنطلق طائرتي. أغرس رأسي بين كتفيّ وأدخل … أرتعد بردا ووحدة وغربة… أرمي بجسدي على أقرب مقعد… المطار يعجّ بالمسافرين والحقائب… ورأسي تشتغل فيه النار… تتطاير آلاف الصور… تحترق… يتطاير هبابها أسود يملأ الفضاء… ينتشر… تضيع في سحابه الداكن الوجوه…”ص51

“في الشتاء وعند تهاطل الأمطار تقطر الخيمة فنتبلل من رؤوسنا إلى اصابع أرجلنا ونردد يا ليت الشتاء يمر بسرعة . وحين يأتي الصيف وتشتد الحرارة حولنا تنقلب الخيمة إلى صفيح ساخن نتمنى حينها أن يرجع الشتاء هكذا نقضي العمر في التمني والتعب وأمانينا تتلخص في بعض الكلمات ، طعام يسدّ رمق الجوع وبعض من الدفء عند الصقيع ونسمة تقينا حرارة القيض…”ص118

“هزمك أيها التاريخ فقرنا ، أربك إحساسك الميّت بنا ، زعزع عنفوانك إرهاصنا … ما أجمل تهاوي اللحظات الأخيرة لطغيانك على سواعدنا البسيطة … ما أجمل شعورنا بك وأنت تركع ، تعدّل من لهاتك دوننا …. تشجب كبرياءك المنتفخ على أنقاض معركة خلقناها لك وكسبناها … ذلك هو الإنسان متى تشبع بالتجاوز … متى قضم من انزوائك المفتعل وقد حرّضك على الإقرار بشرعية المصير … ألجمك عن النعيق … نفس صفحاتك التي ملّت جلدنا ومللنا تباكيها ونواحها … لحظة تخرجنا عن سلبيتنا … عن أنانيتنا … لحظة أقصى من العشق ، وألطف من النسيم تلك التي نستشعرها الآن ونعيش على وقعها كل من زكمه هبوب الثورة امتثل لما كان لم يكن لها دور في تعتيقها ونمذجتها … كانت ترفض الظلم لكن سجلته أوراقها بشكل أوضح ، ولم يتخطّ باب صفحات تلوكها هنا وهناك … بل كان همها الكتابة أولا وأخيرا ولكن هل تكفي الكتابة وحدها …؟ “ص123

في سوسة، تعيش امرأة ضائعة بين ماضٍ حزين، حاضر باهت، ومستقبل مظلم للغاية.
مصابة بصدمة فقدان طفلها المأساوية، تتخبط أسماء في حياة لم تعد تحمل لها أي معنى أو أهمية. هل ستغتنم الفرصة الغير متوقعة التي مُنحت لها لتغيير ماضيها؟ هل تستطيع حقًا تغيير قدرها؟

حقا تصح خرافات كاتبة هاري بوتر؟ أحقا لخرفات سراديب أدنبرة و أشباحها وجود؟ أحقا اللعنة و السحر يسيطران على المكان ؟ أحقا أصبت بلعنة المدينة الغامضة، لأني سعيت وراء اكتشاف الحقيقة؟ أحيانا٠٠٠أحيانا تتوقف عقولنا عن التفكير، وتجلس على كرسي الجنون مندهشة مما يحدث، تتوقف الدماء عن التدفق بأجسادنا ،وتكتفي بالجمود، تخاف أنفسنا المتقطعة الخروج من صدورنا المتعبة فنضحى جثثا هامدة.

كان عليّ أن أحصّن نفسي ضدّ الأزمات و أن أقفل شقوق بيتي جيّدا..إنّي أخاف الريح الشمالية، إنّ لها قدرة رهيبة على التدمير القاسي..و كان لها ما أرادت.. المجهول يعود بكلّ ثقله و بكلّ عبثيته و يحلّ في جسدي و يمتنج مي.. ثمّة أشياء غريبة تحدث في داخلي.. ثمّة أشياء تتمزّق و لا أعرف كيف يحدث ذلك..أسمع صليل السيوف و أحسّ بأطراف الشظايا و أشتمّ رائحة الحديد المحروق و أسما صراخ الأطفال و عويل الأرامل والثكالى .. إنّها الحرب.. لقد اندلعت و لن تنتهي، حتى يصير هذا الجسد رمادا.

كان من واجبي أن أحمي نفسي من الأزمات وأحكم سد الشقوق في بيتي. أخاف من الريح الشمالية لأنها تملك قدرة مدمرة رهيبة وقد حققت ما أرادته. يعود المجهول بكل ثقله وسخافته ليستقر في جسدي وينشر الفتنة. هناك أشياء غريبة تحدث بداخلي، أشياء تتمزق ولا أعرف كيف يحدث ذلك. أسمع صفير السيوف، أشعر بأطراف الشظايا، أشم رائحة الحديد المحترق، أسمع صرخات الأطفال، وعويل الأرامل والأيتام… إنها الحرب. لقد اندلعت ولن تنتهي إلا عندما يصبح هذا الجسد رمادًا.